رواية القمر والحرائق - تشيزاري بافيزي
لا زلت أتذكر اليوم الذي دخلت فيه إلى تلك المكتبة وكنت راغبا بشراء كتب معينة ، فجأة قررت أن أقرأ عنوانات الكتب في صف الروايات ، أمسكت بهذه الرواية -ولا أتذكر السبب الذي دفعني لذلك!- وقتها شعرت بالذي أشعر به الآن ؛ أنا متأكد أنه الشعور ذاته!.
وصلت البيت منهكا خائر القوى بعد يوم عمل يحني الظهر ، نمت إلى قرب الثامنة ليلا ، أحسست برغبة في القراءة ؛ في قراءة رواية ما ، لم أكن قد قررت قراءة رواية معينة -رغم رغبتي القديمة والتي تعود دوما لقراءة الأم لمكسيم غوركي للمرة الثانية- أردت تفتيش مكتبتي لأبحث عن رواية أقرأها ، لكنني نظرت إلى الكتب على طرف سريري ، تساءلت عن السبب الذي يدفعني لتأجيل قراءة هذا العمل الأدبي ، لأقرر أن أبدأ بقراءته مباشرة.
في الصفحات الأولى كنت لا أزال مترددا عما إذا كان وقت قراءة هذا العمل قد حان أم ليس بعد ، ثم حزمت أمري بعد أن عشت أجواء الرواية بأن أكمل قراءتها.
لست أدري هل كنت أتذكر جزءا شاسعا من طفولتي! ، أم أن الرواية اخترقتني! ، أم أنها تذكرني بعمل أدبي لهيرمان هيسه ، أم ماذا بالضبط! ؛ لكنني ازددت يقينا وأنا أتقدم في صفحاتها بأنها تملكتني تماما.
ذلك الإحساس الذي يشبه النوم على سطح البيت ليلا ورؤية النجوم ، إحساسك بموسم القيظ وأنت تجد النخيل تلو النخيل ، أو سباحتك في "اللجل".
رواية أشبه بسيرة حياة للبؤس ، للحرمان ، للثقب الأسود الذي لا جاذبية تعلو عليه ، الثقب الأسود الذي نسميه طفولة/ذكريات ، للأحداث الصغيرة في تلك الطفولة التي ستبقى عالقة أبد الدهر ، لرؤية ما عند الصغار الآخرين حين تكون محروما منه ، لعملك بالمزرعة حين يكون الأطفال يلعبون ، لحصدك للثمار حين يكون الأطفال مثلك يستمتعون بإجازاتهم ، لصفعات الطفولة التي صنعت منك صلبا ، لذكرى عابرة تعتصر ألما/ضعفا/حزنا كلما عبرت أمامك ، لمأساة أن لا يختار المرء مولده ولا أهله ولا الزمن الذي يولد فيه ، للمأساة الكبرى.. الحياة!.
من المدهش أن يتكرر معي خيار قراءة كتاب لم أخطط لقراءته ولم أعتبره يوما من صنف "ما يجب أن أقرأه قبل أن أرحل" ثم أتفاجأ بأنني أجد ذاتي فيما أقرأ! ، ربما لا بسبب التشابه أو أي شيء آخر ؛ربما لمجرد تلك الروح التي تسكن الكتاب والتي ترفض أن تنتقل إلى أحد من قرّاء الكتاب ، إلى أن تأتي أنت فتختارك وتختارها!.
....
👆🏻كتبت هذا الكلام وكنت قد أنهيت نصف الرواية ، وكنت أظن بأنني سأكتب ضعفه بعد أن أنهي الرواية كاملة ؛ ولكن وياللعجب ، إنني أذوي كشمعة أخيرة في ليلة لا كهرباء فيها!.
ربما ما أؤكد عليه ، أن هذه الرواية مرآة عن الحياة ، وأنه يمكن لأي منا أن يكون أنجويللا أو نوتو أو حتى سانتينا! ؛ هذه الحياة التي نقرر تغييرها تارة ، والتي تلقي بنا كعوامة وسط المحيط تارة أخرى.
إنها مأساة إنسان يمكن لأحدنا أن يكونه!... #القمر_والحرائق.
تجدر الإشارة إلى بعض المقتطفات العظيمة في الرواية ؛ وبعضها مما يمكن أن يقتطع من السياق وتُستشعر عظمته أينما كان ، والآخر لا تُحَسَّ قيمته إلى عبر السياق التصاعدي.
وهذه بعض الصفحات التي تضم هذه المقتطفات الخالدة:
(45 /
52 /
54 /
57 /
62 /
68 /
72 /
75 إلى 78 /
81&82 /
86 /
90 /
93 /
103&104 /
120&121 /
124 /
126 /
128 /
130 /
133 /
141 /
149 /
151 /
157 /
163 /
180 /
193 إلى 197 /
217)
علاءالدين الدغيشي
@eagle_eyes_
تعليقات
إرسال تعليق