أهم خمسة أشياء يندم عليها المرء عند الموت

 

قبل سنوات ، قررت أن أعود إلى كتب الأدب ، كان حسابي حينها مكتظا بملخصات الكتب التي كانت تنمو سريعا وتتكاثر ، في أحيان كثيرة كنت أقرأ صنفا من الكتب لفترة طويلة جدا ، أقرأ الفلسفة وأنغمس فيها كما يفعل فيلسوف ، ثم أنكبُّ على كتب اللغة انكباب العالِم باللغة الطالب لشهدها ، فإذا ما رأيت أن روحي بدأت تتخشب ، وأن هذا العقل الطافح بدا كالحا بغير زهرة الحياة وطِيبها ؛ شددت لجام عقلي وأحنيته لموطن الروح ، الشعر. فإذا مللت وصارت العاطفة قوية جيّاشة ، لكن قلمي أصابه الفتور وبدت الكلمات عصيّة عليه لا تركن إلى أوراقي ولا تلين عنانها لي ؛ تناولت روايةً ما أعرف مترجمها أو كاتبها باللغة العربية بدءً. فعادت الكلمات منسابة إلي ، طائعة لقلمي ، ملتهبة التهاب فكري ؛ حتى وإن كنت أمارس رياضة الكتابة وتفريج الكلمات المتراصة في العقل.

حتى إذا سكنت النفس واطمأنت ، وغاصت الروح في مكنونها واستكنّت وقرّت العين بما في يديها ، وكرَّ القلب منها إليها ؛ هجعتُ أراقب ما فعلتُ وأفعل ، مراقبة الناصح الأمين للصديق الحميم ، وموافقة الروح النقية للخليلة الرَّضِيَّة ، فطفقت أبحث عما يبصّرني طلبًا لمزيد المحبة السامية ، وتخفيفا للكيان من اللوثة الجسمانية ، فارتفعت روحي إلى مقام الربوبية الحية ، وأدركت نفسي قدسية الحضرة الإلهية ، فرجعت إليَّ مؤمنا تقيا ، وكافرا بأصنام الناس ميتا وحيا.

وكي لا تكون مقالتي كأنها من عصر التوحيديِّ ، وعبارتي من فم ابن عربي الصوفيِّ ؛ أقول في الكتاب الذي هو مدار الحديث والقول..
هذا كتاب رشيق ماتع ، عظيم نافع ، تتحدث مؤلفته التي تكتب إلينا من بلاد الكنغر ، أنها كانت مرافقة طبية لمن شارفت رحلته البشرية على النهاية ، واقترب من ساحل الأبدية الممتد. فقد سألت كل من رافقتهم في الأيام الأخيرة من  رحلتهم الدنيوية "ما الذي ستغيره في حياتك لو أتيح لك ذلك؟ ما الشيء الذي يجعل قلبك مثقلا بالندم هكذا؟" ، فكان من غرائبية القدر أن الناس متشابهون حتى في حماقاتهم!. فطفقوا يخبرونها عمَّا اقترفوه من حماقات ، أصلحها بعضهم في نهاية مسيرته ، وغَلَبت الشِّقوة آخرين فلم يستطيعوا أن يُصلحوا ما أفسدوه بأيديهم ، وبين هذا وذاك.. يتذكر المرء حياته ، فيقفز كمذعور من كابوس ، يراجع حساباته ويراقب مآلاته ، فيحاول إصلاح ما لحقه الضرر ، ويعاهد نفسه أن لا يعاود ما أتلفته يَدُهُ لا القدر. وهو كتابٌ نادرٌ في موضوعه ، وددت لو يقرأه الناس جميعا ، فيقدِّرُوا ما عندهم ، ويتعاهدوا ما أفلت منهم ، لعل البشرية يوما تعود إلى رشدها ، فتغدو حياتنا جنة أرضية ، قبل أن نسافر في رحلتنا السماوية!. أليس في الجنة متسع للأصدقاء والرفاق؟ أليست بأن نحترم اختلافنا ، فيلزمنا الوفاق لا الاتفاق؟ ، ربما..

تعليقات

المشاركات الشائعة