كرنفال الثقافة | 01 فبراير 2023
يعود إلينا كل عام ذلك الاحتفال الثقافي البهيج الذي لا نودعه، حتى تشرئب أعناقنا إلى رؤيته وعيش أيامه الجميلة مرة أخرى؛ معرض مسقط الدولي للكتاب.
يمثل المعرض شيئا كبيرا لكثير من الناس، فمنهم من يترقبه لشراء الكتب التي لا تتوفر طوال العام، والآخر ينتظره ليلتقي فيه بالأحبة والخلان، وثالث لا تتوفر له فرصة المجيء إلى مسقط إلا في وقت المعرض، ورابع يراقب المشهد الثقافي ويزنه بفعاليات المعرض المصاحبة لبيع الكتب، وطفل يتشوق لدخول ذلك العالم السحري المليء بالكتب فيما يشبه نشوة الدخول إلى محل شوكولاته كبير لأقرانه، بينما يترقبه صاحب شركة ناشئة للترويج لشركته وتعريف الناس بها، فيما يراها التجار الصغار فرصة للربح الوفير سواء أكانوا من تجار الثقافة أو الأنشطة التجارية المرتبطة بالأطعمة والمشروبات والخدمات، وآخرون -وأنا منهم- يجدون متعتهم في الحديث الطويل مع المفكرين والأدباء والأصدقاء الذين لا تتاح فرصة اللقاء بهم كل مرة.. هكذا يتجلى المعرض باعتباره عالما قائما بذاته، عالما تجتمع فيه الألوان كلها لتشكل تلك اللوحة البهية والفريدة لكرنفال فرائحي متجدد.
بين هذا وذاك؛ تتجدد الآمال في حل المشكلات السابقة التي حدثت في نسخ مضت من المعرض، فرغم التجديد الرائع والخدمات المتميزة والتسهيلية التي نجدها في كل نسخة جديدة من المعرض، إلا أن تجدد التجارب يتطلب مواكبة من القائمين عليه، نظرا لطبيعة العمل البشري الذي لا يمكن أن يخلو من الأخطاء. وليس الأمر مندرجا تحت مصطلح الانتقاد أن يتم مشاركة الأخطاء الحاصلة سابقا مع المنظمين، بل هو واجب على كل محب لوطنه ومحب للثقافة، فلا تكفي وسائل التواصل الاجتماعي -رغم تأثيرها البيّن- لإيصال الانتقاد الموجه إلى اللجنة القائمة على المعرض، أو الإشادة بهم؛ بل ينبغي أن يتم الأمر قبل بدء المعرض وليس بعد نهايته أن يتم مشاركة المثالب التي رأوها أو واجهوها. وكانت النسخة الماضية رائعة بسبب التنظيم الجيد وإضافة منافذ بيع المأكولات في الساحة الخارجية للمعرض؛ ولكن الزحام الخانق نفّر الكثيرين ممن أرادوا زيارة معرض الكتاب، فلا يليق أن يُزاحَم هذا الكرنفال الكبير بفعاليات تكون في الطريق المؤدي إليه!. كما كانت ردود الأفعال عن أسعار الكتب المبالغ فيها من قبل بعض دور النشر الانتهازية بالغة السخط والأسف من القراء.
وأبدى آخرون تعاطفهم مع طلبة المدارس بسبب ارتفاع سعر المأكولات والمشروبات في فترة المعرض، وكل هذه الأمور لها حلول تستطيع اللجنة المنظمة التعامل معها لتكون نسخة هذا العام نسخة فريدة ترقى لمستوى الكمال البشري. ولا ضير في أن يتم التواصل مع شركات الأطعمة والمشروبات الكبرى لتقديم أسعار تنافسية عادلة أو لتقديم بعض الأطعمة والمشروبات في أوقات وجود طلبة المدارس بأسعار أقل من الأسعار الخارجية، ويتم اعتبار ذلك ضمن المسؤولية الاجتماعية لهذه الشركات، وسيبقى أثر ذلك -إن تم- في نفوس هؤلاء الطلاب، الذين هم في حقيقتهم زبائن محتملون في المستقبل القريب للشركات التي قدمت لهم هذه التسهيلات والدعم، فهي مسؤولية اجتماعية لا تخلو من فائدة لهذه الشركات سواء في الحاضر من قبل الناس ذوي القدرة الشرائية، أو المستقبل من قبل هؤلاء الطلبة. ولكثير من الشركات العالمية تجربة تسويقية معتبرة وناجحة في استغلال أحداث كهذه في الترويج لمنتجاتها وزرع حب المنتج في نفوس المستهلكين المحتملين وهم في سن الطفولة بعدُ.
كما تتم المطالبة دوما بوجود آلات السحب الآلي السريع، والتي تسهل عملية الشراء والبيع على التاجر والمستهلك في آن، ولمعرض الشارقة الدولي للكتاب تجربة قريبة يمكن الاستفادة منها في هذا الصدد.
كما يمكن الاستفادة من اقتراحات المثقفين وأصحاب المكتبات والزوار ممن تم تسجيل حضورهم سابقا، بعمل استبيان يُسألون فيه عما يمكن تحسينه في هذه النسخة المرتقبة من المعرض واستعمال تلك المقترحات في إنجاح المعرض. ومع تبقي 20 يوما على بدء المعرض، لا يستطيع محب الكتب إلا أن يظل متحفزا مهيئا قوائم الكتب التي يريد شراءها وعينه تلمع ليعيش تلك الأيام الاحتفالية البهية بشغف يلامس الآفاق.
https://www.omandaily.om/أعمدة/na/كرنفال-الثقافة
تعليقات
إرسال تعليق